الكثير منا يشتكي جفوة الناس حتى أقرب الأقربين له فتجده يردد عبارة لا
أحد يُحبني يقولها بكل أسى وبكل مرارة , وحينما تبادره بسؤال بديهي فتقول
هل تحب فلانا؟ تجده يتأفف من فلان وعلان ويوصم الجميع بأقبح العبارات
ويبحث عن النقائص في شخصية هذا وذاك ويذكر مثالبهم وينتقص من قدرهم
ويقول ليس فيهم ما يدعونا لحبهم !! ولا تجده راضيا على أحد وهنا يقفز
سؤال في مخيلتي يقول وكيف تريد أن يحبك الناس وأنت لا تحبهم؟
وهنا
أجده يصمت ويحاول أن يبرر عدم حبه لهم فيقول إنه شخص لا يستحق الحب من
وجهة نظره ولعله نسي أو تناسى أن نظرته للناس تعكس نظرته لنفسه فإن كان
يراهم سيئين فهو أسوأهم وإن كان يراهم طيبين فله في الطيب نصيب .
وهنا أعود للسؤال الرئيس فأقول قبل أن تطالب الناس بحبك واحترامك
وتقدير ذاتك فعليك أنت أن تمنحهم هذه المشاعر بدون قيد أو شرط ,
عليك أن تحب الناس لا لأنهم يستحقوا الحب بل لأنك تستحق أن تحمل
الحب في قلبك وتمنحه لهم وعليك أن تعطيهم ثم تعطيهم قبل أن ترغب في
الأخذ بل عليك أن تعطي دون رغبة في الأخذ وستجد أنهم يمنحونك فوق ما كنت تمنحهم وستجد لهذه العطايا لذة لأنها جاءتك دون أن تطلب ذلك
وهنا ستشعر بصدق من أعطاك . لأن العطاء حينما يكون مبادرة من
الطرف الآخر سيكون له وقع عظيم على النفس فقط جرب أن تعطي
الآخرين دون رغبة في الأخذ وستندهش من تلك النتائج التي ستحصل عليها .
ستظل الحياة رائعة حينما نحمل في قلوبنا الحب للكل . نعم قد نبغض
السلوك ولكن صاحب السلوك شخص فيه خير كثير وله حسنات تنسينا
زلته
وتجعلنا ندرك جيدا أن الكمال في البشر محال. إن أردت أن تكون محبوبا فكن
محبا وكن قريبا من الناس واجعل دافعك لما تقوم به من أعمال
هو حب الخير وحب الناس وحب إسعادهم وعليك أن تدرك أن الكلمات
تظل بدون معاني حينما لا نُغلفها بمشاعر الحب وكذلك الهدايا والهبات حينما
لا يكون الدافع لها الحب فلن يكون لها قيمة تذكر بل ربما كانت عبئا على الآخرين.
وهنا أعود فأقول إن شكوت عدم حب الناس لك فتذكر أنك أنت السبب
لأنك تريد أن تأخذ بدون عطاء وإن كنت تريد وصفة عاجلة وبسيطة وفي
نفس الوقت مفيدة فامنح الناس الحب تحضى بالحب فالحياة عطاء ثم عطاء
ثم عطاء ثم أخذ , وبالحب يحلو العطاء وتصبح الحياة رائعة كروعة مشاعرنا التي نحملها للآخرين.